لعلّ الذاكرة من أكثر وظائف الدماغ أهمية، فمن خلالها يستطيع الإنسان التعلم، وبناء ذكريات من الماضي وتخزين المعلومات، كما تمكننا الذاكرة من رواية القصص والحكايا والتعرف على بعضنا البعض.[١][٢]


كيف يخزن الدماغ المعلومات؟

يمكننا تلخيص آلية الدماغ في تخزين المعلومات بالنّقاط الآتية:

  • بِدايةً يتم تخزين المعلومات على هيئة مواد كيميائية في الدماغ وتحديدًا في نقاط اتصال العصبونات فيما بينها؛ إذ يُعتبر العصبون (Neuron) الخلية العصبية المتخصصة المسؤولة عن نقل الإشارات العصبية بين الأعصاب المختلفة.[٣]
  • بعدئذٍ يقوم الدماغ بتخزين المعلومات في الذاكرة عبر طريقين؛ أحدهما يُدعى بالذاكرة قصيرة المدى؛ إذ تتم معالجة المعلومات المخزنة في الذاكرة قصيرة المدى في الجزء الأمامي من الدماغ وتحديدًا في منطقة الفص الجبهي (Pre-frontal lobe).[٤]
  • وبعد ذلك تُترجَم الذاكرة قصيرة المدى إلى ذاكرة طويلة المدى في منطقة الحُصين (Hippocampus)، وهي منطقة موجودة على عمق كبير في الدماغ الشري.[١]
  • يأخذ الحُصين ذكريات متزامنة من مناطق حسية مختلفة في الدماغ ويربطها ضمن جزء واحد من الذاكرة.[٤]
  • بذلك تتشكل الذاكرة، وعندئذ تبدأ المعلومات بالتدفق من القشرة التي تُشكّل منطقة دماغية غنية بالخلايا العصبية، إلى الحُصين الذي يُمثل نقطة التحول المركزية للذكريات في الدماغ، أمّا عندما نحاول استعادة معلومة ما من ذاكرتنا فسيكون اتجاهها معاكسًا لذلك أي من الحُصين نحو القشرة.[٥]


كيف تنتقل الإشارات العصبية؟

تتواصل الأعصاب فيما بينها عبر تسلسل دقيق من الأحداث، سنوضحه بالنقاط التالية:[٦]

  • أولًا؛ يؤدي توليد الإشارة العصبية في العصب إلى إفراز النواقل العصبية (Neurotransmitters) من نهايات محور العصب.
  • تنتقل تلك النواقل العصبية المُرسلة من العصبون المُرسل (Presynaptic neuron) عبر التشابك العصبي إلى العصبون المُستقبل (Postsynaptic neuron).
  • تتصل النواقل العصبية بمستقبلاتها الموجودة على العصب المُستقبل وتتفاعل معها ضمن تفاعل أشبه بعلاقة القفل والمفتاح؛ إذ يستطيع الناقل العصبي المناسب الذي يُمثل المفتاح أن يتفاعل مع القفل الملائم لتركيبته والي يمثل المستقبل.
  • عند ارتباط النواقل العصبية بمستقبلاتها؛ تبدأ عملية تحفيز سلسلة من الأحداث الجزيئية التي تهدف إلى تحويل الرسالة العصبية إلى إشارة كهربائية.
  • بعد ذلك، تفرز المستقبلات النواقل العصبية مجددًا باتجاه التشابك العصبي لتتم إعادة تدويرها في العصبون المُرسل أو تكسيرها بفعل بعض الإنزيمات حتى تتمكن المستقبلات من استقبال إشارات عصبية جديدة من العصب المُرسل.


كيف يتم استذكار المعلومات؟

يتم تخزين الذكريات على هيئة إشارات كهربائية أو كيمائية في الدماغ؛ إذ يتم استذكار المعلومات عبر تحفيز مناطق التشابك العصبي في الدماغ التي تُعتبر نقاط اتصال الخلايا العصبية فيما بينها، أي يلزم لاستذكار المعلومات أن يتم تنشيط مجموعة معينة من الأعصاب،[٧][٨] فكل معلومة أو فكرة جديدة يتم تخزينها في الدماغ يقابلها تكوين تشابك عصبي جديد بين مجموعة معينة من الأعصاب.[٩]


كيف يقوم الدماغ بمعالجة معلوماته؟

تبدأ معالجة المعلومات في الدماغ من نقطة الانطلاق، وهي المدخلات التي تمثلها الأعضاء الحسية في جسم الإنسان، وهي الأعضاء المسؤولة عن ترجمة المُحفزات المادية كاللمس أو الحرارة أو الموجات الصوتية أو فوتونات الضوء إلى إشارات كهروكيمائية؛ إذ يتم تحويل المعلومات الحسية بصورة متكررة في الدماغ بالاتجاهين من أعلى إلى أسفل ومن أسفل إلى أعلى.[١٠]


أنواع الذاكرة

تتحول أي معلومة يتم تخزينها في الدماغ سواء لفترة مؤقتة أو دائمة إلى "ذاكرة"، ومن هنا يمكننا تقسيم ذاكرة الدماغ إلى نوعين رئيسيين وفقًا لمدة التخزين وقدرة الدماغ على استعادة المعلومة المخزنة، وقد يتم تقسيم الذاكرة إلى أكثر من نوعين في مصادر علمية أُخرى،[١١] وذلك يتضمن التالي:

  • الذاكرة الحسية: (Sensory memory)؛ يتم تخزين الذكريات الحسية إلى بضع ثوانٍ فقط في معظم الأوقات؛ إذ لا تتجاوز مدة التخزين سوا فترة تحفيز الحاسة ذاتها؛ حيث تتضمن الذاكرة الحسية حواسنا الخمس وهي الرؤية، واللمس، والشم، والتذوق، والسمع.[١٢]
  • الذاكرة قصيرة المدى: (Short-term memory) وتُعرف أيضًا بالذاكرة الأولية أو الذاكرة النشطة؛ إذ لا تتعدى قدرتها سوا تخزين كميات صغيرة من المعلومات في الدماغ والحفاظ عليها لفترة قصيرة من الزمن فقط؛ حيث يمكن استعادة المعلومات التي تُخزن في هذا النوع من الذاكرة خلال فترة 20 - 30 ثانية فقط؛ وقد تكون الفترة أقصر من ذلك إن لم يتم الحرص على تنشيط الذاكرة ومراجعة المعلومات التي تخزن بها بصورة متكررة.[١٣]
  • الذاكرة طويلة المدى: (Long-term memory) على غرار الذاكرة قصيرة المدى، تتميز الذاكرة طويلة المدى بمساحة تخزين كبيرة جدًا؛ حيث لا يمكن حصر كمية المعلومات التي يمكن تخزينها في الذاكرة طويلة المدى، يمكن أن تتحول بعض المعلومات إلى هذه الذاكرة ويتم تخزينها هنالك لطوال العمر.[٢]


ما هي سعة تخزين ذاكرة الدماغ البشري؟

في المعدل المتوسط تتميز سعة تخزين ذاكرة الدماغ البشري بمساحة كبيرة؛ إذ يمكنها تخزين ما يقارب تريلونات متعددة من المعلومات.[١٤]


هل يمكن للدماغ تخزين المعلومات إلى حد لا نهائي؟

لا يمكن حصر قدرة الدماغ على ربط الأنماط وتخزين المعلومات، لذا نظريًا سيكون عدد الذكريات المخزنة لا حدود له.[١٥]


المراجع

  1. ^ أ ب Molika Ashford (31/8/2010), "How Are Memories Stored in the Brain?", livescience, Retrieved 10/9/2021. Edited.
  2. ^ أ ب "Human Memory Storage", human-memory, 25/11/2020, Retrieved 10/9/2021. Edited.
  3. Ishan Daftardar (27/5/2020), "How Are Memories Stored And Retrieved?", scienceabc, Retrieved 10/9/2021. Edited.
  4. ^ أ ب Molika Ashford (31/8/2010), "How Are Memories Stored in the Brain?", livescience, Retrieved 10/9/2021. Edited.
  5. Prof. Dr. Hajo Hamer (12/11/2019), "How the brain stores memories", fau, Retrieved 10/9/2021. Edited.
  6. Deborah Halber (11/10/2018), "Storing Memories in Your Synapses", brainfacts, Retrieved 10/9/2021. Edited.
  7. "How are memories formed?", qbi.uq., Retrieved 10/9/2021. Edited.
  8. Trevor English (17/11/2019), "How Do We... What was it... Remember Things?", interestingengineering, Retrieved 10/9/2021. Edited.
  9. "41 Fascinating Facts About Your Amazing Brain", askthescientists, Retrieved 10/9/2021. Edited.
  10. "How Does the Brain Process Information?", teach-nology, Retrieved 10/9/2021. Edited.
  11. "Human Memory Storage", human-memory, 25/11/2020, Retrieved 10/9/2021. Edited.
  12. "What Are Sensory Memory Examples?", webmd, Retrieved 10/9/2021. Edited.
  13. Kendra Cherry (25/4/2021), "What Is Short-Term Memory?", verywellmind, Retrieved 10/9/2021. Edited.
  14. "What is the Memory Capacity of a Human Brain?", cnsnevada, Retrieved 10/9/2021. Edited.
  15. the long term, memories,patterns is limitless as well. "Big Question: Can My Brain Get Too Full?", wired, 16/6/2015, Retrieved 10/9/2021. Edited.