ما هو العصب البصري؟

تعدّ الخلايا العصبية الوحدات الأساسية للدماغ والجهاز العصبي، ولها العديد من الأدوار الهامة في الجسم؛ فهي المسؤولة عن تلقي الإشارات الحسية من البيئة المحيطة، وإرسال الأوامر الحركية إلى العضلات، ويوجد ما يقارب 100 مليار خلية عصبية تتفاعل مع الخلايا الأخرى في الجسم، ومن هذه الخلايا العصبية هو العصب البصري، فما هي مكوناته وأهم وظائفه؟^[١]

ما هو العصب البصري؟

يُعرّف العصب البصري بأنه مجموعة من الألياف العصبية التي يتجاوز عددها المليون، والتي تصل ما بين الجزء الخلفي من العين والدماغ،^[٢] فيعدّ العصب البصري مسؤولًا عن نقل المعلومات الحسّية البصرية، والإشارات الضوئية من خلال نبضات كهربائية من العين إلى الدماغ لإتمام عملية الرؤية، ويسمى أيضًا بالعصب القحفي الثاني (Second Cranial Nerve)، إذ إنه ثاني الأعصاب القحفية، ويُقصد بالقحفية الأعصاب التي تنشأ مباشرةً من الدماغ.^[٣][٤]

مم يتكون العصب البصري؟

يقع العصب البصري في مؤخرة العين، إذ يرتبط بشبكية العين، ليتمكن من القيام بوظيفته المتمثلة في نقل المعلومات الحسية للدماغ، للتمكُّن من الرؤية،^[٥] ويختلف طول العصب البصري من شخص لآخر، بل حتى يختلف طوله لنفس الشخص من العين اليمنى إلى العين اليسرى، إذ يتراوح طوله من 35-55 مليمتراً، وينقسم العصب البصري إلى 4 أجزاء رئيسية وهي:^[٦]

• رأس العصب البصري: ويسمى أيضًا بالقرص البصري (Optic Disk) وهو نقطة بداية العصب البصري، ويعتبر أيضًا نقطة دخول الأوعية الدموية التي تغذي الشبكية، ويُشار لهذه المنطقة أيضًا باسم النقطة العمياء، إذ إنّها خالية من المستقبلات الضوئية (الخلايا العصوية والمخروطية) التي يمكنها الاستجابة للضوء.^[٧]
• جزء داخل محجر العين: أو يسمى جزء داخل الحجاج (Intraorbital part) يمتد من مؤخرة مقلة العين إلى القناة البصرية، ونجدر الإشارة إلى احتواء هذا الجزء على انحناء بسيط على شكل حرف S، إّ يسمح هذا الانحناء بحركة العين بكافة الاتجاهات دون الضغط على العصب.^[٨]
• جزء داخل القناة: ويمتد هذا الجزء من العصب داخل القناة البصرية، ويصل طوله من 4-10 ميليمترات.^[٩][٦]
• جزء داخل الجمجمة: يمتد هذا الجزء من الفتحة الخلفية للقناة البصرية داخل عظام الجمجمة لينضم من إحدى العينين إلى الأخرى، وهناك تحدث نقطة التصالب البصري (Optic Chiasm)، وهي هيكل على شكل x يتكون أثناء عبور الأعصاب البصرية في الدماغ، ففي هذه النقطة تعبر نصف الألياف البصرية الخارجة من كل عين نحو الجانب الآخر من الدماغ، في حين يعبر النصف الآخر من الألياف إلى جانب الدماغ ذاته، وهذا يعني أنّ كل نصف من الدماغ يتلقى الإشارات الحسيّة البصرية من كلتا العينين.^[١٠][٦]

وظيفة العصب البصري

ينقل العصب البصري جميع المعلومات المرئية عن طريق إرسال الإشارات من العين إلى الدماغ، فعند دخول الضوء إلى قرنية العين (الغشاء الشفاف الذي يغطي مقدمة العين والبؤبؤ) تسمح له بالمرور من خلالها وتعمل على تركيزه في شبكية العين،^[٥] لتقوم الأعصاب الموجودة في الشبكية بمعالجة الضوء أو الصورة، ونقل إشاراتها من خلال العصب البصري إلى الدماغ؛ ليتم إدراك ما حولنا عبر النظر.^[١١]

الأمراض المرتبطة بالعصب البصري

يوجد العديد من الأمراض الشائعة التي يمكن أن تصيب العصب البصري، نذكر منها ما يلي:

• الزرق: ويُشار له أيضًا باسم المياه الزرقاء، أو الجلوكوما (Glaucoma) هي مجموعة مشاكل تحدث في العين تسبب الضرر للعصب البصري، وغالبًا ما تحدث بسبب ارتفاع ضغط العين بشكل غير طبيعي، وهي أكثر شيوعًا لدى كبار السن، ويجدر التنويه إلى ضرورة إجراء فحوصات العين التي تشمل قياس ضغط العين بصورة منتظمة، لتشخيص الزرق بمراحله المبكرة؛ فذلك يساهم في تلقي العلاج المناسب وإبطاء فقدان الرؤية.^[١٢]
• التهاب العصب البصري: يؤدي التهاب العصب البصري (Optic Neuritis) إلى تضرُّر هذا العصب، وبالرغم من عدم معرفة السبب الرئيسي له، فهو يتطور عند مهاجمة الجهاز المناعي طبقة الميالين المحيطة بالألياف العصبية عن طريق الخطأ، مما يؤدي إلى تلفها، ومن الممكن أن يحدث كأحد أعراض مرض التصلب العصبي المتعدد (Multiple sclerosis)؛ وهو أحد أمراض المناعة الذاتية الذي قد يلحق الضرر بأعصاب الدماغ والعصب البصري.^[١٣]
• ضمور العصب البصري: (Optic Nerve Atrophy) وهو تلف في العصب البصري يحدث نتيجة عدة أسباب منها: ضعف تدفق الدم إلى العين، أو نقص الأكسجين، أو التعرض للمواد السامة، أو الإصابة الجسدية، كما أنّ للعوامل الوراثية دوراً في زيادة خطر الإصابة به.^[١٤]
• براريق رأس العصب البصري: (Optic Nerve Head Drusen) هو تراكم لتجمعات غير طبيعية من البروتين والكالسيوم في العصب البصري، وقد يسبب فقدانًا للرؤية المحيطية عن الجوانب.^[١٥]
• ورم الغدة النخامية: (Pituitary Adenoma) حيث تقع الغدة النخامية تحت نقطة التصالب البصري، فيضغط تورم الغدة النخامية على نقطة التصالب، مما يؤدي إلى حدوث مشكلة في الألياف العصبية.^[١٦]
• ثلامة العصب البصري: (Coloboma Of Optic Nerve) تحدث بسبب خلل خَلقي في العصب البصري، يظهر منذ الولادة، فيكون العصب البصري غير متكمل النمو، أو أنّ جزءًا منه مفقود، وقد يؤثر في كلتا العينين أو إحداهما.^[٥]
• حفرة العصب البصري: (Optic Nerve Pit) يحدث بسبب خلل خلقي يسبب انخفاضًا أو ما يشبه الحفرة في القرص البصري.^[٥]
• خلل تنسج الحاجز البصري: (Septo-Optic Dysplasia) هو مرض نادر يحدث نتيجة اضطراب في نمو الدماغ الذي ينتج عنه خلل في الأعصاب البصرية.^[٥]
• الغمش السام: الغمش السام (Toxic Amblyopia) ينتج بسبب التعرض لبعض المواد الكيميائية الخطرة مثل الرصاص أو الميثانول وغيرهما، ويُحدث تلفًا في العصب البصري.^[١٧]

هل يوجد علاج لتلف العصب البصري؟

حاليًا ما تزال الأبحاث جارية في إمكانية تجديد وتحفيز العصب البصري، ومع ذلك خلال عمليات البحث وُجِدَ أنه من الممكن تجديد العصب البصري لبعض الحيوانات الفقارية مثل الأسماك والضفادع، أما بالنسبة للثدييات ما زالت الأبحاث تَدرس إمكانية معرفة العوامل والظروف التي تحفز نمو الخلايا العصبية.^[١٨]