تأثير القولون العصبي على الدماغ

ترتبط أعراض القولون العصبي في الغالب بأعراض تظهر على القولون والأمعاء، ولكن قد يُلاحظ بعض المصابين بالقولون العصبي أعراضًا أخرى تتعلق بالدماغ، فكيف يكون هذا التأثير، وهل هناك علاقة بين القولون العصبي والاكتئاب؟ هذا ما سنتطرق إليه في مقالنا.

كيف يؤثر القولون العصبي على الدماغ؟

توجد علاقة متبادلة بين الدماغ والجهاز الهضمي، فكلاهما يؤثر على طريقة عمل الآخر واضطراب أحدها يؤدي إلى اضطراب الآخر، فإذا كان لديك متلازمة القولون العصبي، فإن الأعصاب الموجودة في أمعائك حساسة للغاية، ويتعامل الدماغ مع الإشارات التي تصله من أمعائك بشكل مختلف عما لو لم يكن لديك متلازمة القولون العصبي؛ فحتى الكميات الصغيرة من الغازات يمكن أن تسبب الألم، أو الانتفاخ، أو الإمساك، أو الإسهال.^[١]

ما طبيعة العلاقة بين القولون العصبي والدماغ؟

يعد الجهاز العصبي المعوي (Enteric nervous system) حلقة الوصل ما بين الجهاز الهضمي والدماغ أو بشكلٍ أدق الجهاز العصبي، وهو جزء من الجهاز العصبي المركزي، ويتحكم الجهاز العصبي المعوي بعمل الجهاز الهضمي من حيث هضم الطعام، وإفراز الإنزيمات المختلفة، وحركة الأمعاء؛ لذلك يؤدي تهيج القولون العصبي إلى إرسال إشارات عصبية تؤدي إلى حدوث تأثيرات متعددة على الدماغ.^[٢]

بالإضافة لذلك يمثل الناقل العصبي السيروتونين (Serotonin) جزءًا مهمًا للاتصال بين الدماغ والجهاز الهضمي، حيث يوجد ما نسبته 95% من السيروتونين في الجسم داخل جدار الجهاز الهضمي، إذ يتحكم السيروتونين بعدد من الوظائف المهمة للجهاز الهضمي، ومن هذه الوظائف ما يأتي:

• حركة الأمعاء.
• حساسية الأمعاء تجاه الألم.
• إفراز السوائل في الأمعاء.

والإصابة بالقولون العصبي يؤثر سلبًا على كمية السيروتونين في الجسم، الأمر الذي يسبب تذبذبًا بمستوياته، وعند اختلال مستوى السيروتونين؛ فإن ذلك يؤدي لمشاكل في الجهاز العصبي الذي يستخدم السيروتونين كناقل عصبي.^[٣]

الأعراض النفسية التي يُسببها القولون العصبي

يؤدي تهيج القولون العصبي إلى إرسال إشارات عصبية إلى الجهاز العصبي المركزي عن طريق الجهاز العصبي المعوي، مما يؤدي إلى ظهور بعض الأعراض النفسية والتي منها:^[٢]

• تغيرات في المزاج والعواطف.
• الإصابة بالاكتئاب.
• الإصابة بالقلق.
• تأثر مهارات الإدراك، مثل:
• التفكير.
• الذاكرة.

هل الاكتئاب يؤثر في القولون العصبي؟

نعم، إذ وجد أنَ الأشخاص المصابين بمرض تهيج القولون العصبي غالبًا ما يعانون من مستويات أعلى من الاكتئاب مقارنة بالأشخاص الأصحاء، وفي المقابل أيضًا وجد أن أعراض الاكتئاب الشديدة تؤدي إلى الإصابة بتهيج القولون العصبي.^[٤]

ونظرًا للارتباط الوثيق بين الاكتئاب وضعف الإدراك المعرفي، لوحظ انخفاض في مستوى الذكاء للذين يعانون من تهيج القولون العصبي وذلك بسبب الاكتئاب وضعف الإدراك المعرفي وفقًا لنتائج دراسة سريرية نشرت في مجلة (Nutrients) عام 2021م.^[٥]

هل يُخفف العلاج النفسي أعراض القولون العصبي؟

يساعد التحكم في أعراض القولون العصبي على تحسين اضطرابات الدماغ والعكس صحيح أيضًا، أي أنّ تخفيف أعراض أي منهما يخفف أعراض اضطراب الآخر، ويمكن تفسير ذلك بوجود تواصل بين هذين الجهازين كما أسلفنا، كما يساعد فهم العلاقة بين الدماغ والجهاز الهضمي على فهم فعالية بعض علاجات القولون العصبي وأمراض القولون المختلفة.^[٢]

ومن الأمثلة على بعض علاجات مرض القولون العصبي التي قد يساعدنا الدماغ على فهم تأثيرها على الجهاز الهضمي ما يأتي:^[٢]

• مضادات الاكتئاب

ويكمن دورها في علاج أعراض القولون العصبي من خلال تأثيرها على الخلايا العصبية في جدار الأمعاء، مما يؤدي إلى وقف تحفيز أعراض القولون العصبي.

• العلاج السلوكي المعرفي

والذي يساعد على تعزيز التواصل بين الجهاز الهضمي والدماغ.

• العلاج بالتنويم المغناطيسي الطبي.

هل الدماغ لدى المصابين بالقولون العصبي يختلف عن دماغ غير المصابين به؟

نعم، إذ وُجد أن الإصابة بالقولون العصبي تسبب ترققًا في المادة الرمادية في بعض مناطق الدماغ، وهي جزء من الدماغ يحتوي على عدد كبير من الخلايا العصبية، وتشمل المناطق المتأثرة بالدماغ الآتي:^[٦]

• جهاز الاستثارة في الدماغ:

الأمر الذي يسبب تثبيط جهاز الاستثارة في الدماغ، مما يزيد من حساسية الأمعاء لدى مرضى القولون العصبي.

• مناطق السيطرة على المشاعر:

لذلك قد يُلاحظ على مرضى القولون العصبي الخوف وعدم القدرة على التكييف.

• مناطق السيطرة على الألم:

لوحظ ترقق الدماغ في هذه المنطقة فقط عند المرضى الذين ذكروا أن الألم هو أكثر أعراض القولون العصبي إزعاجًا.

ملخص المقال

يرتبط الدماغ والقولون العصبي ببعضهما، حيث تؤدي الإصابة بتهيج القولون العصبي إلى تغيرات بالدماغ وقد تتطور للإصابة بالاكتئاب، والقلق، وضعف الإدراك المعرفي، وبالمقابل وجود اضطرابات نفسية بالدماغ تؤدي للإصابة بتهيج القولون العصبي، وبالتالي فإن علاجهما يجب أن يكون متكاملاً يشمل علاج أعراض القولون العصبي والاضطرابات النفسية.